4/16/2017

عدسات الجاذبية في كوننا الأحدب

جميعنا قد استخدم العدسات في حياته لتكبير الأشياء الصغيرة. مبدأ عمل العدسات، كما ترى في الشكل , قائم على تجميع الضوء في نقطة واحدة،
وتجميع الضوء يعني رؤية أوضح للعين، لذلك تجد بعض الناس، وأنا منهم، يرتدون نظارات طبية. لكن هذا لا يعني أينما وضعت العدسة ستكبر وتوضح لك الصورة. هناك مسافات معينة تحسب من خلال معادلات معينه للعدسات. عندما تمسك العدسة وتضعها لتكبير شيئ صغير فإنه في البدايه تلاحظ صورة مشوشة جدا، ثم تقرب وتبعد حتى تحصل على أوضح صور ممكنه. الصورة المشوشة تعني أن العدسة قد شتت الضوء كثيرا، لذلك لا يصل الى عينيك سوى ضوء مشتت وبالتالي ترى صورة مشوشة.


إن ما نسميه الجاذبية  ما هي في الحقيقة سوى حركة الارض حول القوس الذي تصنعه كتلة الشمس في نسيج الفضاء
إذن تكمن فكرة العدسة في انحناء الضوء، وطالما أن نظرية آينشتين في الجاذبية قائمة على فكرة انحناء الفضاء فهذا يعني أنه من الممكن أن نحصل على عدسات جاذبية!!
في عام ١٩١٥ نشر آينشتين فكرة جديدة حول الجاذبية؛ إن الأرض لا تدور حول الشمس لأن هناك قوة خفية كما هو معتقد في السابق، بل تدور لأن الشمس تصنع تحدب في نسيج الكون، كما ترى في الشكل أدناه. فكما أنك تشعر بقوة تجذبك عندما تتزحلق على سطح منحنى، فنحن الآن نتزحلق مع الأرض حول الشمس، لذلك نشعر بقوة تجذبنا للأسفل، وقد اتفقنا على تسمية هذه القوة بالجاذبية .



انحراف الضوء القادم من النجوم البعيدة
ليست الأرض فقط من يتحرك بشكل منحنى حول الشمس، بل حتى الضوء القادم من النجوم البعيدة سينحني عندما يدخل في السطح المحدب الذي تحدثه الشمس (الشكل أدناه). وهنا وأنت على الأرض ستنخدع وتعتقد أن الموقع الأصلي للنجم هو B، لكن هذا الموقع الظاهري فقط وليس الأصلي! سيبدو لك من الأرض وكأنه قادم في خط مستقيم، لذلك تنخدع. الموقع الأصلي للنجم هو A. وقد كان هذا أول اختبار للتأكد من صحة فكرة آينشتين. وقد أجراه لأول مره الفلكي العظيم السير آرثر ادنجتون. طبعا لا يمكنك أن ترى النجوم والشمس موجودة (لا أحد يرى النجوم في النهار) لذلك استغل ادنجنتون  ظاهرة خسوف الشمس التي حصلت عام ١٩١٩ لقياس انحراف النجوم عن مواقعها الأصلية، وقد تأكد من صحة نظرية آينشتين  في تحدب الفضاء. وفور اعلان نتائج القياس، تحول آينشتين الى أشهر شخصية علمية على وجه الأرض (أنصحك بمشاهدة فلم آينشتين وادنتغتون). 


الضوء القادم من المجرات البعيدة يتشوه كثيرا نتيجة الكتل الضخمة الواقعة بيننا
 في عام ١٩٣٦ وسع آينشتين الفكرة أكثر. حيث بين أن النجوم والمجرات البعيدة جدا جدا عنا، ويقع بيننا وبينهم كتل ضخمة جدا من النجوم والمجرات وغيرها، سيتشوه الضوء القادم منها بشكل كبير جدا، بحيث يبدو شكل بعضها وكأنه حلقة. اليوم يرصد الفلكييون هذه الحلقات والتي باتت تعرف باسم (حلقات آينشتين). الصور في الأسفل هي مجموعة من النجوم أو المجرات أو الكويزرات أو أي شيئ يصدر منه ضوء، وقد تقوس ضوءهم القادم كثيرا بحيث أصبح شكلهم مثل الحلقات. 
  صورة حقيقة لبعض حلقات آينشتين التي رصدها الفلكييون
لحلقات آينشتين ميزة عظيمةفي علمي الفلك والكون.مقدار تقوس الضوء القادم من النجوم البعيدة يعتمد بشدة على ثقل الكتلة المسببة للتقوس. كتلة أكثر يعني تقوس أكثر. هناك معادلة تربط مقدار انحناء الضوء بالكتلة المسببة لهذا الانحناء. وهذا يقودنا الى نتيجة مدهشة؛ لسنا بحاجة أن نرى الكتلة المسببة للتقوس، فقط نقيس مقدار انحراف الضوء ونقدر الكتلة الواقعه بيننا. لذلك تعتبر هذه المعادلة مهمه جدا جدا لتحديد ما يسمى "الكتلة المظلمة" والتي لا ترى بالتلسكوبات .





أخيرا، وضعت تغريدة ذات مرة كانت كالتالي: لو كانت الارض بعيدة عنك وأنت في كوكب ما تشاهدها وبينكما يقع ثقب أسود ذو كتلة كبيرة فسيبدوا شكلها لك كالتالي:
 

 أعتقد بأنك الآن تفهم ما أعنيه تماما!


المصدر : مدونة الدكتور يوسف البناي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق