عندما نتساءل عن أصل الكون فإنه دائما ما ينتج فرضيتين متوقعتين تواجهان بعضهما
الأولى "الكون قد بدأ في يوما ما" والثانية "أنه كان موجودا منذ الأزل " !!
والتوقعان غير قابلين للتخيل بالنسبة للعقل البشري.
فيمكنك أن تؤكد أن العالم موجود منذ الأزل، لكن هل يمكن أن يكون شيئا ما موجودا منذ الأزل، ولا تكون له بداية في يوم من الأيام؟! ..
يقول أفلاطون تلميذ سقراط وأستاذ أرسطو سنة 325 ق.م. بأن الزمن قائم بذاته، ونحن نُقسّمه إلى ماضي وحاضر ومستقبل، كان ويكون وسيكون، ثم ثبت أن هذا غير صحيح ...
و يقول أرسطو أن الكون ليس له بداية زمنية، وأن المادة أصلها سرمدي
و قال " إسحق نيوتن " سنة 1687م وهو يناقش قوانين الجاذبية إن الزمن مطلق بينما المكان أو الفضاء غير مطلق، وبهذا تخلَّصت قوانين نيوتين من فكرة المكان المطلق وأكدت على أن المكان أو الفضاء غير مُطلق.
وفي سنة 1905م قال " اينشتاين " ليس المكان فقط غير المطلق، بل أن الزمن أيضًا غير مُطلق ...
وعن أصل الكون وتلك الحظة التي نشأ فيها فمنذ ما يقارب المئة عام ونحن نعلم أن الكون يتمدد. وهناك أدلة كثيرة على التمدد. الآن وببساطة اذا الكون يتمدد، فهذا يعني أنه كان أصغر وأصغر في ما مضى. كالبالونه تماما.
لذلك لو رجعنا بالزمن الى الوراء لابد أن نصل الى نقطة بداية للكون، تحديدا قبل ١٣.٧ مليار سنة. ومن ثم تمددت هذه النقطة حتى اللحظة الحاضرة. هذه العملية تم تسميتها بـ {نظرية الانفجار العظيم} .
وهي أكثر نظرية مقبولة اليوم لتفسير أصل الكون. كل شيئ يمكن لعقلك تخيله أتى من هذه النقطة، حتى الزمن نفسه أتى من هذه النقطة شديدة الحرارة والكثافة!
والآن من أين أتت هذه النقطة؟
هل كان هناك زمن قبلها؟
لاحظ أننا ما زلنا نتخيل أن لكل شيئ سبب، وأن هذه النقطة لابد أن يكون لها سبب.
وهذه بعض أهم الفرضيات الفيزيائية حول أصل الكون. لكن عليك أن تدرك أن جميع تلك الفرضيات قد تبدوا غريبة بعض الشيئ، ولا معنى لها بالنسبة لعقولنا المحدودة. وهذا شيئ طبيعي لأن أي اجابة حول اصل الكون لابد أن تأتي خارج اطار الزمان والمكان والحواس....
=ّ التقلبات الكمومية
هي ظاهرة تبين أن الفراغ ليس فراغ. فمهما حاولت أن تزيل الذرات من علبة صغيرة جدا، ستظهر ذرات اخرى، أو جسيمات افتراضية باستمرار. وهذا مسموح حسب مبدأ هايزنبيرغ الارتيابي -تم نشر موضوع عنه في الصفحة هنا سابقا- وقد تم التأكد منه تجريبيا بشكل غير مباشر.
الآن اذا عكسنا موضوع تمدد الكون سنصل الى كون صغير جدا ثم اصغر ثم اصغر حتى يصل الى حجم الذرة. عندها لا تنفع نظرية آينشتين في الجاذبية، فنستبدلها بميكانيكا الكم. وهذا يعني أن الكون كان متقلب كموميا أم ينطبق عليه مبدأ هايزنبيرغ الارتيابي. وطالما هذه التقلبات تنتهك مبدأ حفظ الطاقة وتأتي من لا شيئ، فالكون الذي بحجم الذرة الآن ما هو الا تقلبات كمومية أتت من لاشيئ!
=ّ الأكوان المتعددة
هذه الفكرة تقول أن كوننا ليس الكون الوحيد. بل هو مجرد فقاعه من عدة فقاعات. تخيل الآن حدوث تصادم بين فقاعتين، من الممكن أن تنتج فقاعه أكبر، هذا هو الانفجار العظيم! مجرد تصادم فقاعتين! أو ربما انفصال فقاعة الى فقاعتين وحررت طاقه عاليه على شكل انفجار عظيم. الآن كوننا مجرد فقاعه في جسم ضخم يضم فقاعات عدة، اذن كوننا له بداية في الزمن، لكن تلك الفقاعات موجودة منذ الأزل.
=ّ نظرية هارتل - هوكينغ ( الصورة المرفقة تخص هذه النظرية )
اقترح كل من ستيفن هوكينغ و جيمس هارتل في بداية الثمانينات فكرة "عدم وجود حواف مكانية ولا زمانية عندما بدأ الكون".
في الحقيقة عندما نعود الى الوراء في تمدد الكون، أي نعود بالزمان والمكان الى الوراء، سنصل الى حافة مدببة (الشكل ١). هذه الحافة تسمى (نقطة فردانية)، أي تنهار المعادلات الفيزيائية والرياضية عند هذه الحافة. وبالتالي نحتاج أن نسأل من أين أتت هذه الحافة. لذلك اقترح هوكينغ وهارتل أن هذه الحافة ليست حافة، بل تتخذ شكل مستدير كما في الشكل ٢. فعندما تعود الى الوراء محاولا معرفة سبب بداية الكون ستصل الى زمان - مكان دائري. لذلك عندما تسأل عن البداية الزمنية للكون، كأنك تسألك؛ ما هو شمال القطب الشمالي؟! لا شيئ، فقط ستعود الى الجنوب! عندما تتحرك بشكل مستقيم في الارض فإنك، بعد فترة زمنية، ستعود الى نقطة بدايتك، ستدور حول نفسك. الزمان والمكان حسب هذه الاطروحه مغلقين على نفسيهما.
لذلك ليس للكون بداية معينه، وليس له شروط ابتدائية. ما حدث من ١٣.٨ مليار سنه هو فقط تمدد وليس بداية في الزمن. بالطبع لهذا النموذج الكثير من العيوب الرياضية والفكرية.
أما عن تلك اللحظة التي ينتهي فيها الكون فهناك عدة نظريات لانتهاء الكون نذكر منها ما يلي:
1- ستظل المجرات تتباعد عن بعضها البعض، وكذلك النجوم، وتتخلخل كثافة الكون، وينتهي الوقود النووي داخل النجوم، وتنخفض حرارة الكون إلى درجة الصفر المطلق - 16ر273 درجة مئوية تحت الصفر، فتتوقف الإلكترونات عن الدوران حول نوى الذرات، ويتوقف الزمن ويموت الكون بالتبريد الشديد Big Chill.
2- تتغلب الجاذبية على ظاهرة التمدد، وينكمش الكون، وتلتحم المجرات، ويصير الكون كتلة هائلة من المادة، وتنضغط في حيز صغير، وتأتي النهاية بالانسحاق العظيم Big Crunch.
وكل من النهاتين السابقتين تعرفان عند العلماء بالحد " سي " C - Boundary.
3- أن يتقابل عالمنا بعالم آخر مضاد، فيفنيا الاثنان، مع انطلاق كم هائل من الطاقة على هيئة إشعاعات.
والنظريات السابقة وليدة مخيلة العلماء، وربما يظهر في المستقبل نظريات أخرى عن كيفية انتهاء الكون.
#فيزياء من #سورية
المراجع : - محاضرات الدكتور youssef albanay
- كتاب الكون ذلك المجهول
- ويكبيديا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق